تناقض منهجي وفكري للمدون وليد (القسم الثاني)


بسم الله الرحمن الرحيم

لقد كان كلامنا في المقال السابق (القسم الأول) عن بعض ما كان قد ورد في مدونة نور العقل للمدون وليد، وكلامنا هنا سيكون أكثر اختصارا،فقد قام المدون وليد بكتابة مقال بعنوان (الرد على ادعاءات المسلمين وتوضيحها)، وقد وجت الكثير من المغالطات في هذا المقال، وأنا أستغرب لشخص لا يزال يدعي بأنه صاحب منهج علمي نقدي، وهو لا يزال يخطيء وفي بعض الأحيان يكذب، أنا اتوجه إليه باللوم، فهو لابد أن يكون قدوة ونموذجا لمتابعيه الذين جاوزا الأربعة آلاف ونيف.


عموما، قام المدون وليد بمنعي من وضع أي رابط في مدونته وها أنا ذا أمتثل، فهو صاحب الحق الطبيعي لما يكون في مدونته وليس لي إلا احترام رغبته. ولكني ظهرت بمظهر المدافع عن حرية الرأي أكثر منه، مع إنه يدعي أنه هو المحامي الأول، وأني من جماعة القامعين لحرية الرأي، فقد وضعت رابطا لمدونته على مدونتي وشكرا للأخ جاد فقد وضعت رابطا لمدونته أيضا، حيث إنه بادر بذلك ووضع رابطا لمدونتي على مدونته. أنا أعتبر جاد حقيقة أكثر موضوعية في الطرح من وليد في الكثير من طروحاته، فهو يصيغ مدونته بصيغة المتسائل، ولأي شخص الحق في التساؤل.


كنت أتمنى أن ينأى وليد بجانبه عن مثل هذه العناوين الرنانة (إدعاءات المسلمين والرد عليها) أو ما شابه، فإن أسلوب كلامكم وردنا لا يفضي إلا إلى سجال فكري لا يتوصل فيه أي من الطرفين إلى نتيجة موفقة. فهو لو ألقى نظرة على مدونتي لوجد بابا أسميه "إشكالات وحلول"، أو في طيات كلماتي أستخدم إشكالات ومعالجات لهذه الإشكالات، فإن ذلك يقلل التوتر عند كلا الطرفين، فأنت تشكل وذلك من حقك وأنا لا أرد على إشكالك وكأن إشكالك خطأ، فلعل إشكالك صحيح نابع من قلة معرفة أو عدم اطلاع، أو لعلك فعلا تحمل شبهة في قلبك وتحتاج إلى من يزيحها، نحن هنا في ميدان علمي موضوعي، بعيدا عن الشارع وطريقة العوام في النقاش.. فأنت تشكل وأنا أحاول أن اوجد المعالجات أو الحلول لهذا الإشكال، وبالتالي نصل كلانا إلى بر متفق عليه.


في حوار دار على عجالة بين وبينه بالأمس، قال لي وليد بأنه قد قام بالرد على أغلب ما جاء في مدونتي، ولكني كنت أشكك في ذلك، ولا أزال أشكك حتى بعد تتبعي الدقيق لمقاله، فقد كان مروري البارحة على عجل، ولكن وجدت بأنه قام بمغالطيتين كما في السابق ليحاول إيهام الناس ممن ليسوا ذوي الاختصاص.


  • المغالطة الأولى: الإستدلال بأقوال الفلاسفة
لقد عاد السيد وليد مرة أخرى ليعتبر أن الفلاسفة هم ربوبيون لا يؤمنون بإله إبراهيم، أو الإله الذي يؤمن به الإسلام.

وأعود لأقول ما هذا إلا جهل بالتراث الفلسفي الإسلامي، سيد وليد أدعوك مرة ثانية حتى لا تقع في أي من هذه الأخطاء مرة أخرى، أدعوك لقراءة شيء من التراث الفلسفي الإسلامي. وسوف أقترح عليك كتابا جميلا يسهل على القارئ الغير مختص فهمه،  أقترح أن تقرأ كتاب "أصول الفلسفة والمنهج الواقعي" لمؤلفه السيد محمد حسين الطباطبائي الحكيم، بتعليقات الشهيد مرتضى مطهري. 

سيدي أنت تقول: "لكن يا أعزائي المسلمون هل سألتم أنفسكم ما هذا الإله الذي تتحدثون عنه الفلاسفة؟ هل هو فعلا إلهكم الإسلامي؟ الإجابة وبكل تأكيد لا"
من أين أتيت بكل هذا التأكيد، سيدي أنت تريد أن تعمل بالمبدأ ألزمكم بما لم تلزموا أنفسكم به!!

ثم تختم كلامك بأننا سنقول لا شأن لنا بهم، من، أينشتاين أم أعلام الفلسفة الإسلامية؟ إذا كنت تريد أعلام الفلسفة الإسلامية فأنا أقول لك أنت لم تصل حتى هذه اللحظة لهم ولتراثهم العلمي الفكري، وأما أينشتاين، فأنا معك في أنه مرجع في الفيزياء والرياضيات ولكنه ليس مرجعا لي في الفلسفة أو الإلهيات، فلماذا تريد أن تفرضه علي كمرجع؟!
  • المغالطة الثانية: النقد للماديين
لا أريد أن أطيل هنا كثيرا، حيث إن النقد الموجه في مدونتي لم يكن للماديين، بل للفلسفة المادية والفكر الذي تحمله، والإشكالات الاجتماعية الواضحة على أتباعها، مثلا أنت لم تجب عن سؤالي في هل أنك تقبل زواج ابنك من ابنتك؟ وغيره كثير، فإذن النقد كان موجها للرؤية الفلسفية المادية لا إلى الماديين كأفراد، فهم كأفراد لا شأن لي بهم، فليحيوا كيفما يشاؤون، ولكني أقوم بنقد الأساس الفلسفي للرؤية الكونية التي شكلوها في أذهانهم عن العالم، سوف أنقل نصا ما كتبه وليد في هذا المجال:
"اعرف أن هذا الموضوع يطول شرحه لكن اغلب ما أورده المسلمين من مقالات طويلة عريضة عن هذا ما هي إلا عبارة عن ما كتبه الشيوخ الذين وكما نعرف أنهم نقاد أدب وليسوا علماء فهم ينظرون إلى النص العلمي وكأنه نص أدبي ويخضعونه إلى التحليل و النقد والأمثلة كثير على هذا
ولكن سوف اشرحها باختصار موجز لأبين لكم سوء الفهم الذي يقول به دعاة العلم
الطاقة هي الأزلية واعتقد انه لا يوجد احد يطعن في القانون الفيزيائي الذي ينص على أن (الطاقة لا تفنى ولا تُستحدث من عدم وإنما تتحول من شكل إلى آخر )
والمادة ما هي إلا عبارة عن طاقة لكن ذات ترددات عاليه جدا في مسافة قصيرة أدت إلى تكونها على هذه الهيئة الجديدة .
وكل ما في الكون هو طاقة أنا وأنت والأرض والكواكب والمجرات ...وهذه الطاقة هي كمية ثابتة في هذا الكون حيث أن كوننا نظام مغلق لا يستلم أي طاقة من أي مصدر خارجي .
والانفجار العظيم الذي اوجد الكون بالشكل الحالي ليس أول ولا آخر انفجار فيحدث العديد من الانفجارات التي تودي أو ولادة مجاميع شمسية جديدة ."
يا سيد وليد، بالله عليك، هل هذا هو رد على ما ورد من نقود في مدونتي على المادية كفكر ورؤية تقدم الحلول للمجتمعات، هل هذا رد على الإشكالات والطروحات التي وردت في مدونتي، أنا أسأل القارئ المنصف أن يقرأ ما ورد في مدونتي ويقارنه بهذا الرد التعيس!!

على كل حال، وليد مطالب بالبينة، فهو يدعي بأن ما جاء في المقالات ما هو إلا نقل من شيوخنا! وأنا أتهمك شتى الاتهامات! وتتوالى التهم لا إلى نهاية...

على كل لك رد أيضا مختصر على كلامك، أنت تقوم بوضع حد فاصل بين العلم والنقد الفلسفي أو الأدبي على رأيك، ولكن هل الانفجار العظيم ونظرية تطور الأنواع ونشأة الخلية الأولى من العدم وأن ثبات كمية الطاقة في العالم، هل هي نظريات علمية خاضعة للتجربة أم أنها خاضعة لقوانين نظرية وضعها البشر؟! هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أود أن اقول لك بأني لست أديبا، ولا يمت عملي إلى الأدب بصلة، فأنا مهندس شبكات، وأعمل في مزود خدمة إنترنت وأعمل على إدارة مشاريع تكنلوجيا المعلومات، وقد تخرجت من قسم هندسة الكمبيوتر، وكنت قد درست الطب فترة قبل دراسة الهندسة، سيدي أنا علمي وأعرف جيدا ما تقول، وأستطيع فهم النظريات الفيزيائية جيدا، فأخي متخصص في الفيزياء الفلكية.

بعض الأمور مثل نشأة الخلية الأولى من العدم، لا دليل علمي ولا حتى فلسفي عليها، وما هو إلا تنظيرات أدبية ليس إلا!، أنت تجد هناك شواهد على نحو ارتباط بين المخلوقات كافة، ووجدت هناك تنوع وتصنيف في الفصائل الحيوانية والنباتية، وبنيت عليه شواهدك، وهي ليست بدليل قاطع على أن المنشيء الأول هو خلية أحادية ظهرت في الكون، بل إن النقود أقوى من النظرية نفسها، وقد تم نقدها من قبل تلامذتها قبل أعدائها. ثم إن النظرية التي تتكلم عنها من الممكن أن يتم توجيهها فهي تتحمل التوجيه، خصوصا إذا ما وجدنا أنفسنا أمام دليل فلسفي على الصانع الحكيم.

أما مسألة أزلية المادة، فلي وقفة طويلة معها في بحث المفهوم الفلسفي للعالم وهو القسم الثاني من البحث الذي أعمل عليه في مدونتي. فهي نظرية أضعف من أن تصمد أمام النقد، أتمنى أن لا تجعلها مرتكزك الأخير، فأنا أضمن لك بأنها ستتهاوى.

إذن نرجع لفهرسة البحث مرة أخرى، بناء على ما ورد في المقال الأخير للمدون وليد، سأقوم باستحداث قسم جديد في مدونتي أسميه (الفلسفة الإلهية أو الحكمة المتعالية)، سوف أكتب فيه مقالات للرد على الإشكالات الواردة في صدد الإلهيات العامة. وسأستمر ما استطعت في بحثي الاساسي لنقد المادية من جذورها. فمقالاتنا التالية ستجدونها في الصفحة التالية إضغط هنا...
سوف نبدأ هناك بالمقالات الفلسفية الإلهية قبل إكمال بحث نظرية المعرفة.

مع التحيات 
ليث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق